Senin, 20 April 2015

Matan Waroqot متن الورقات


 اضغط هنا لتحميل المتن الصوتي

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.


[تعريف أصول الفقه باعتبار مفرديه] (1)

هَذِهِ وَرَقَاتُ قَلِيلَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى مَعْرِفَةِ فُصُولٍ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ ، وَذَلِكَ مُؤَلَّفٌ مِنْ جُزْأَيْنِ مُفْرَدَيْنِ ، أَحَدُهُمَا : الأُصُولُ ، وَالثَّانِي : الْفِقْهُ :

فَالأَصْلُ : مَا بُنِيَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ .

وَالْفَرْعُ : مَا يُبْنَى عَلَى غَيْرِهِ .

وَالْفِقْهُ : مَعْرْفَةُ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي طَرِيقُهَا الاجْتِهَادُ .


[ الأحكام ]

وَالأَحْكَامُ سَبْعَةٌ :

الْوَاجِبُ ، وَالْمَنْدُوبُ ، وَالْمُبَاحُ ، وَالْمَحْظُورُ ، وَالْمَكْرُوهُ ، وَالصَّحِيحُ ، وَالْبَاطِلُ.

فَالْوَاجِبُ : مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ .

وَالْمَنْدُوبُ : مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَلا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ .

وَالْمُبَاحُ : مَا لا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَلا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ .

وَالْمَحْظُورُ : مَا يُثَابُ عَلَى تَرْكِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى فِعْلِهِ .

وَالْمَكْرُوهُ : مَا يُثَابُ عَلَى تَرْكِهِ وَلا يُعَاقَبُ عَلَى فِعْلِهِ .

وَالصَّحِيحُ : مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النُّفُوذُ وَيُعْتَدُ بِهِ .

وَالْبَاطِلُ : مَا لا يَتَعَلَّقُ بِهِ النُّفُوذُ وَلا يُعْتَدُّ بِهِ .


[ أقسام المُدْرَكَات ]

وَالْفِقْهُ أَخَصُّ مِنْ الْعِلْمِ .

وَالْعِلْمُ : مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ في الواقع .

وَالْجَهْلُ : تَصَوُّرُ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ بِهِ في الواقع .

وَالْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ : مَا لَمْ يَقَعْ عَنْ نَظَرٍ وَاسْتِدْلالٍ ، كَالعِلْمِ الْوَاقِعِ بِإِحْدَى الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ وَهِيَ : السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالشَّمُ وَاللَّمْسُ وَالذَّوْقُ ، أَوِ بالتَّوَاتُرِ .

وَأَمَّا الْعِلْمُ الْمُكْْتّسَبُ : فَهُوَ مَا يَقَعُ عَنْ نَظَرٍ وَاسْتِدْلالٍ .

وَالنَّظَرُ : هُوَ الْفِكْرُ فِي حَالِ الْمَنْظُورِ فِيهِ .

وَالاسْتِدْلالُ : طَلَبُ الدَّلِيلِ .

وَالدَّلِيلُ : هُوَ الْمُرْشِدُ إِلَى الْمَطْلُوبِ .

وَالظَّنُ : تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَظْهَرُ مِنَ الآخَرِ .

وَالشَّكُ تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ لا مَزِيَّةَ لأَحَدِهِمَا عَلَى الآخَرِ .


[ تعريفُ أصولِ الفقه عَلَمًا ]

وَعِلْمُ أَصُولِ الفِقْهِ : طُرُقُهُ عَلَى سَبِيلِ الإِجْمَالِ ، وَكَيْفِيَّةُ الاسْتِدْلالِ بِهَا .


[ أبوابُ أصولِ الفقه ]

وَأَبْوَابُ أُصُولِ الْفِقْهِ : أَقْسَامُ الْكَلامِ ، وَالأَمْرُ وَالنَّهْيُ ، وَالْعَامُّ وَالْخَاصُّ ، وَالْمُجْمَلُ وَالْمُبَيَّنُ , وَالظَّاهِرُ وَالْمُؤَوَّلُ ، وَالأَفْعَالُ ، وَالنَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ ، وَالإِجْمَاعُ وَالأَخْبَارُ ، وَالْقِيَاسُ ، وَالْحَظْرُ وَالإِبَاحَةُ ، وَتَرْتِيبُ الأَدِلَّةِ ، وَصِفَةُ الْمُفْتِى وَالْمُسْتَفْتِى ، وَأَحْكَامُ الْمُجْتَهِدِينَ .


[ أقسامُ الكلام ]

فَأَمَّا أَقْسَامُ الْكَلامِ : فَأَقَلُّ مَا يَتَرَكَّبُ مِنْهُ الْكَلامُ اسْمَانِ ، أَوْ اسْمٌ وَفِعْلٌ ، أَوْ فِعْلٌ وَحَرْفٌ ، أَوْ اسْمٌ وَحَرْفٌ .

وَالْكَلامُ يَنْقَسِمُ إِلَى أَمْرٍ وَنَهْيٍ ، وَخَبَرٍ وَاسْتِخْبَارٍ .

وَيِنْقَسِمُ أَيْضَا إِلَى تمََنٍ وَعَرْضٍ وَقَسَمٍ .

وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ يَنْقَسِمُ إِلَى حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ .

فَالْحَقِيقَةُ : مَا بَقِيَ فِي الاسْتِعْمَالِ عَلَى مَوضُوعِهِ ، وَقِيلَ : مَا اسْتُعْمِلَ فِيمَا اصْطُلِحَ عَلَيْهِ مِنَ الْمُخَاطِبَةِ .

وَالْمَجَازُ : مَا تُجُوِّزَ عَنْ مَوْضُوعِهِ ، وَالْحَقِيقَةُ : إِمَّا لُغَوِيَّةٌ ، وَإِمَّا شَرْعِيَّةٌ ، وَإِمَّا عُرْفِيَّةٌ .

وَالْمَجَازُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِزِيَادَةٍ ، أَوْ نُقْصَانٍ ، أَوْ نَقْلٍ ، أَوْ اسْتِعَارَةٍ :

فَالْمَجَازُ بِالزِّيَادَةِ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾[ سورة الشورى : 11 ] .

وَالْمَجَازُ بِالنُّقْصَانِ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَاسْأَلِ القَرْيَةَ الَتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾[ يوسف : 82 ].

وَالْمَجَازُ بِالنَّقْلِ كَالْغَائِطِ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ الإِنْسَانِ ، وَالْمَجَازُ بِالاسْتِعَارَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِداَراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً ﴾[ الكهف : 77 ] .


[ الأمر والنهي ]

وَالأَمْرُ : اسْتِدْعَاءُ الْفِعْلِ بِالْقَوْلِ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ عَلَى سَبِيلِ الوُجُوبِ .

وَصِيغَتُهُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ ( افْعَلْ ) .

وَهِيَ ـ عِنْدَ الإِطْلاقِ وَالتَّجَرُّدِ عَنْ القَرِينَةِ ـ تُحْمَلُ عَلَيْهِ إِلاَّ مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ النَّدْبُ أَوْ الإِبَاحَةُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ .

وَلا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ عَلَى الصَّحِيحِ إلا مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى قَصْدِ التَّكْرَارِ .

وَلا تَقْتَضِي الْفَوْرَ .

وَالأَمْرُ بِإِيجَادِ الْفِعْلِ أَمْرٌ بِهِ ، وَبِمَا لا يَتِمُّ الْفِعْلُ إِلاَّ بِهِ ، كَالأَمْرِ بِالصَّلاةِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ بِالطَّهَارَةِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَيْهَا ، وَإِذَا فُعِلَ خَرَجَ عَنِ الْعُهْدَةِ .

يَدْخُلُ فِي خِطَابِ اللهِ تَعَالَى الْمُؤْمُنِونَ ، وَالسَّاهِي وَالصَّبِيُ وَالْمَجْنُونُ غَيْرُ دَاخِلِينَ فِي الْخِطَابِ .

وَالْكُفَّارُ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ ، وَبِمَا لا تَصِحُّ إِلاَّ بِهِ وَهُوَ الإِسْلامُ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42)قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ ﴾[ المدثر : 42- 43 ] .

وَالأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ ، وَالنَّهْيُ عَنْ الشَّيْءِ أَمْرٌ بِضِدِّهِ .

وَالنَّهْيُ : اسْتِدْعَاءُ التَّرْكِ بِالْقَوْلِ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ ، وَيَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ .

وَتَرِدُ صِيغَةُ الأَمْرِ وَالْمُرَادُ بِهِ الإِبَاحَةُ ، أَوِ التَّهْدِيدُ ، أَوِ التَّسْوِيَةُ ، أَوِ التَّكْوِينُ .


[ العام والخاص ]

وَأَمَّا العَامُّ : فَهُوَ مَا عَمَّ شَيْئَيْنِ فَصَاعِدًا ، مِنْ قَوْلِهِ : عَمَمْتُ زَيْدًا وَعَمْرًا بِالْعَطَاءِ ، وَعَمَمْتُ جَمِيعَ النَّاسِ بِالْعَطَاءِ .

وَأَلْفَاظُهُ أَرْبَعَةٌ : الاسْمُ الْوَاحِدُ الْمُعَرَّفُ بِالْأَلِفِ وَالَّلامِ ، وَاسْمُ الْجَمْعِ الْمُعَرَّفُ بِالَّلامِ ، وَالأَسْمَاءُ الْمُبْهَمَةُ كَـ ( مَنْ ) فِيمَنْ يَعْقِلُ ، وَ ( مَا ) فِيمَا لا يَعْقِلُ ، وَ ( أَيٌ ) فِي الجَمِيعِ ، وَ ( أَيْنَ ) فِي الْمَكَانِ ، وَ ( مَتَى ) فِي الزَمَّانِ ، وَ( مَا ) فِي الاسْتِفْهَامِ وَالجَزَاءِ وَغَيْرِهِ ، وَ ( لا ) فِي النَّكِرَاتِ كَقَوْلِكَ : ( لا رَجُلَ فِي الدَّارِ ) .

وَالْعُمُومُ مِنْ صِفَاتِ النُّطْقِ ، وَلا يَجُوزُ دَعْوَى العُمُومِ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْفِعْلِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ .

وَالخَاصُّ يُقَابِلُ الْعَامَّ ، وَالتَّخْصِيصُ : تَمْيِيزُ بَعْضِ الْجُمْلَةِ .

وَهُوَ يَنْقَسِمُ إِلَى مُتَّصِلٍ وَمُنْفَصِلٍ :

فَالْمُتَّصِلُ : الاسْتِثْنَاءُ ، وَالتَّقْيِيدُ بِالشَّرْطِ ، وَالتَّقْيِيدُ بِالصِّفَةِ :

وَالاسْتِثْنَاءُ : إِخْرَاجُ مَا لَوْلاهُ لَدَخَلَ فِي الْكَلامِ ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ شَيْءٌ ، وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلاً بِالْكَلَامِ ، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الاسْتِثْنَاءِ عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ ، وَيَجُوزُ الاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْجِنْسِ وَمِنْ غَيْرِهِ .

وَالشَّرْطُ :  يَجُوزُ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ الْمَشْرُوطِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَنِ الْمَشْرُوطِ ،

وَالْمُقَيَّدُ بِالصِّفَةِ : يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْمُطْلَقُ ، كَالرَّقَبَةِ قُيِّدَتْ بِالإِيمَانِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ ، وَأُطْلِقَتْ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ .

وَيَجُوزُ تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ ، وَتَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ ، وِتَخْصِيصُ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ ، وَتَخْصِيصُ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ ، وَتَخْصِيصُ النُّطْقِ بِالْقِيَاسِ ، وَنَعْنِي بِالنُّطْقِ قَوْلَ اللهِ سُبْْحَانَهُ وَتَعَالَى وَقَوْلَ الرَّسُولِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ .


[ المجمل والمبين ]

وَالْمُجْمَلُ : مَا افْتَقَرَ إِلَى الْبَيَانِ .

وَالْبَيَانُ : إِخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنْ حَيِّزِ الإِشْكَالِ إِلَى حَيِّزِ التَّجَلِّي .

وَالنَّصُّ : مَا لا يَحْتَمِلُ إَلاَّ مَعْنًى وَاحِدًا ، وَقِيلَ : مَا تَأْوِيلُهُ تَنْزِيلُهُ ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ مَنَصَّةِ الْعَرُوسِ وَهُوَ الْكُرْسِيُّ .


[ الظاهر والمؤول ]

وَالظَّاهِرُ مَا احْتَمَلَ أَمْرَينِ أَحَدُهُمَا أَظْهَرُ مِنَ الآخَرِ ، وَيُؤَوَّلُ الظَّاهِرُ بِالدَّلِيلِ ، وَيُسَمَّى الظَّاهِرُ بِالدَّلِيلِ.


[ الأفعال ]

فِعْلُ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ لا يَخْلُو :

إَِّما أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ القُرْبَةِ وَالطَّاعَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ :

- فَإِنْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى الاخْتِصَاصِ بِهِ يُحْمَلُ عَلَى الاخْتِصَاصِ .

- وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ لا يَخْتَصُّ بِهِ ؛ لأَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ : ﴿وَلَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً﴾ [ الأحزاب : 21 ]

فَيُحْمَلُ عَلَى الوُجُوبِ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا .

وَمِنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ : يُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ .

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : يُتَوَقَّفُ عَنْهُ .

فَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ القُرْبَةِ وَالطَّاعَةِ فَيُحْمَلُ عَلَى الإِبَاحَةِ فِي حَقِّهِ وَحَقِّنَا .

وَإِقْرَارُ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ عَلَى القَوْلِ هُوَ قَوْلُ صَاحِبِ الشَّرِيعِةِ ، وَإِقْرَارُهُ عَلَى الفِعْلِ كَفِعْلِهِ .

وَمَا فُعِلَ فِي وَقْتِهِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِهِ وَعَلِمَ بِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا فُعِلَ فِي مَجْلِسِهِ .


 [ الناسخ والمنسوخ ]

وَأَمَّا النَّسْخُ فَمَعْنَاهُ الإِزَالَةُ ، يُقَالُ : نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ ، أَيْ أَزَالَتْهُ ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ النَّقْلُ ، مِنْ قَوْلِهِمْ : نَسَخْتُ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ أَيْ نَقَلْتُهُ .

وَحَدُّهُ : هُوَ الْخِطَابُ الدَّالُّ عَلَى رَفْعِ الحُكْمِ الثَّابِتِ بِالْخِطَابِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى وَجْهٍ لَوْلاهُ لَكَانَ ثَابِتًا مَعَ تَرَاخِيهِ عَنْهِ .

وَيَجُوزُ نَسْخُ الرَّسْمِ وَبَقَاءُ الْحُكْمِ ، وَنَسْخُ الْحُكْمِ وَبَقَاءُ الرَّسْمِ ، وَالنَّسْخُ إِلَى بَدَلٍ ، وَإِلَى غَيْرِ بَدَلٍ ، وَإِلَى مَا هُوَ أَغْلَظُ ، وَإِلَى مَا هُوَ أَخَفُّ .

وَيَجُوزُ نَسْخُ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ ، وَنَسْخُ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ وَبِالسُّنَّةِ ، وَيَجُوزُ نَسْخُ الْمُتَوَاتِرِ بَالْمُتَوَاتِرِ ، وَنَسْخُ الآحَادِ بِالآحَادِ وَبَالْمُتَوَاتِرِ ، وَلا يَجُوزُ نَسْخُ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ ، ولا الْمُتَوَاتِرُ بِالآحَادِ .


[ تنبيه في التعارض والترجيح ]

إَذَا تَعَارَضَ نُطْقَانِ فَلا يَخْلُو إَمَّا أَنْ يَكُونَا عَامَّينِ أَوْ خَاصَّيْنِ ، أَوْ أَحَدُهُمَا عَامًّا وَالآخَرُ خَاصًّا ، أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَامًّا مِنْ وَجْهٍ وَخَاصًّا مِنْ وَجْهٍ :

- فَإِنْ كَانَا عَامَّيْنِ فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا جُمِعَ ، وَإِنْ لَمْ يَمْكِنِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا يُتَوَقَّفُ فِيهِمَا إِنِ لَمْ يُعْلَمِ التَّارِيخُ ، فَإِنْ عُلِمَ التَّارِيخُ فَيُنْسَخُ الْمُتَقَدِّمُ بِالْمُتَأَخِّرِ .

وَكَذَا إِذَا كَانَا خَاصَّيْنِ .

- وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمُا عَامًّا وَالآخَرُ خَاصًّا ، فَيُخَصَّصُ الْعَامُّ بِالخَاصِّ .

- وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَامًّا مِنْ وَجْهٍ وَخَاصًّا مِنْ وَجْهٍ ، فَيُخَصُّ عُمُومُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخُصُوصِ الآخَرِ .


[ الإجماع ]

وَأَمَّا الإِجْمَاعُ : فَهُوَ اتِّفَاقُ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ عَلَى حُكْمِ الْحَادِثَةِ .

وَنَعْنِي بِالْعُلَمَاءِ الْفُقَهَاءَ ، وَنَعْنِي بِالْحَادِثَةِ الْحَادِثَةَ الشَّرْعِيَّةَ .

وَإِجْمَاعُ هَذِهِ الأُمَّةِ حُجَّةٌ دُونَ غَيْرِهَا لِقَوْلِهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( لا تَجْتَمِعْ أُمَّتِي عَلَى ضَلالَةٍ ) , [ أخرجه الترمذي ] . وَالشَّرْعُ وَرَدَ بِعِصْمَةِ هَذِهِ الأُمَّةِ .

وَالإِجْمَاعُ حُجَّةٌ عَلَى الْعَصْرِ الثَّانِي ، وَفِي أَيِّ عَصْرٍ كَانَ .

وَلا يُشْتَرَطُ انْقِرَاضُ الْعَصْرِ عَلَى الصَّحِيحِ ، فَإِنْ قُلْنَا : انْقِرَاضُ الْعَصْرِ شَرْطٌ يُعْتَبَرُ قَوْلُ مَنْ وُلِدَ فِي حَيَاتِهِمْ وَتَفَقَّهَ وَصَارَ مِنْ أَهْلِ الاجْتِهَادِ ، فَلَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا عَنْ ذَلِكَ الْحُكْمِ .

وَالإِجْمَاعُ يَصِحُّ بِقَوْلِهِمْ وَبِفِعْلِهِمْ ، وَبِقَوْلِ الْبِعْضِ وِبِفِعْلِ الْبَعْضِ ، وَانْتِشَارُ ذَلِكَ وَسُكُوتُ الْبَاقِينَ عَنْهُ .

وَقَوْلُ الْوَاحِدِ مِنَ الصّحَابَةِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى الْقَوْلِ الْجَدِيدِ ، وَفِي الْقَوْلِ الْقَدِيمِ حُجَّةٌ .


[ الأخبار ]

وَأَمّا الأَخْبَارُ : فَالْخَبَرُ : مَا يَدْخُلُهُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ .

وَالْخَبَرُ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ : آحَادٍ وَمُتَوَاتِرٍ :

فَالْمُتَوَاتِرُ : مَا يُوجِبُ الْعِلْمَ ، وَهُوَ أَنْ يَرْوِىَ جَمَاعَةٌ لا يَقَعُ التَّوَاطُؤُ عَلَى الْكَذِبِ مِنْ مِثْلِهِمْ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى الْمُخْبَرِ عَنْهُ . وَيَكُونُ فِي الأَصْلِ عَنْ مُشَاهَدَةٍ أَوْ سَمَاعٍ لا عَنْ اجْتِهَادٍ .

وَالآحَادُ : هُوَ الَّذِي يُوجِبُ الْعَمَلَ ، وَلا يُوجِبُ الْعِلْمَ . وَيَنْقَسِمُ إِلَى : مُرْسَلٍ وَمُسْنَدٍ :

فَالْمُسْنَدُ : مَا اتَّصَلَ إِسْنَادُهُ .

وَالْمُرْسَلُ : مَا لَمْ يَتَّصِلْ إِسْنَادُهُ . فَإِنْ كَانَ مِنْ مَرَاسِيلِ غَيْرِ الصَّحَابَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ حُجَّةً إَلاَّ مَرَاسِيلَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ؛ فَإِنَّهَا فُتِّشَتْ فَوُجِدَتْ مَسَانِيدَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

وَالْعَنْعَنَةُ تَدْخُلُ عَلَى الأَسَانِيدِ .

وَإِذَا قَرَأَ الشَّيْخُ يَجُوزُ لِلرَّاوِي أَنْ يَقُولَ : حَدَّثَنِي أَوْ أَخْبَرَنِي ، وَإِذَا قَرَأَ هُوَ عَلَى الشَّيْخِ فَيَقُولُ : أَخْبَرَنِي ، وَلا يَقُولُ : حَدَّثَنِي ، وَإِنْ أَجَازَهُ الشَّيْخُ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ فَيَقُولُ أَجَازَنِي أَوْ أَخْبَرَنِي إِجَازَةً .


[ القياس ]

وَأَمّا الْقِيَاسُ : فَهُوَ رَدُّ الْفَرْعِ إِلَى الأَصْلِ فِي الْحُكْمِ بِعِلَّةٍ تَجْمَعُهُمَا .

وَهُوَ يَنْقَسِمُ إِلَى ثَلاثَةِ أَقْسَامٍ: إِلَى قِيَاسِ عِلَّةٍ ، وَقِيَاسِ دَلالَةٍ ، وَقِيَاسِ شَبَهٍ:

- فَقِيَاسُ الْعِلَّةِ : مَا كَانَتْ الْعِلَّةُ فِيهِ مُوجِبَةً لِلْحُكْمِ .

- وَقِيَاسُ الدَّلالَةِ : هُوَ الاسْتِدْلالُ بِأَحَدِ النَّظِيرَيْنِ عَلَى الآخَرِ ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ دَالَّةً عَلَى الْحُكْمِ وَلا تَكُونَ مُوجِبَةً لِلْحُكْمِ .

- وَقِيَاسُ الشَّبَهِ : هُوَ الْفَرْعُ الْمُتَرَدِّدُ بَيْنَ أَصْلَينِ ، وَلا يُصَارُ إِلَيْهِ مَعَ إِمْكَانِ مَا قَبْلَهُ .

وَمِنْ شَرْطِ الْفَرْعِ أَنْ يَكُونَ مُنَاسِبًا لِلأَصْلِ .

وَمِنْ شَرْطِ الأَصْلِ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا بِدَلِيلٍ مُتَفَقٍ عَلَيْهِ بَيْنَ الْخَصْمَينِ .

وَمِنْ شَرْطِ الْعِلَّةِ أَنْ تَطَّرِدَ فِي مَعْلُولاتِهَا فَلا تَنْتَقِضُ لَفْظًا وَلا مَعْنًى .

وَمِنْ شَرْطِ الْحُكْمِ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْعِلَّةِ فِي النَّفْي وَالإِثْبَاتِ .

وَالْعِلَّةُ هِيَ الْجَالِبَةُ لِلْحُكْمِ ، وَالْحُكْمُ هُوَ الْمَجْلُوبُ لِلْعِلَّةِ .


 [ الحظر الإباحة ]

وَأَمَّا الْحَظْرُ وَالإِبَاحَةُ : فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إِنَّ الأَشْيَاءَ عَلَى الْحَظْرِ إِلاَّ مَا أَبَاحَتْهُ الشَّرْيعَةُ ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الشَّرِيعَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الإِبَاحَةِ يُتَمَسَّكُ بِالأَصْلِ وَهُوَ الْحَظْرُ ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ بِضِدِّهِ : وَهُوَ أَنْ الأَصْلَ فِي الأَشْيِاءِ أَنَّهَا عَلَى الإِبَاحَةِ إِلاَّ مَا حَظَرَهُ الشَّرْعُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالتَّوَقُّفِ .

وَمَعْنَى اسْتِصْحَابِ الْحَالِ : أَنْ يَسْتَصْحِبَ الأَصْلَ عِنْدَ عَدَمِ الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ .


[ ترتيب الأدلة ]

وَأَمَّا الأَدِلَّةُ : فَيُقَدَّمُ الْجَلِيُّ مِنْهَا عَلَى الْخَفِيِّ ، وَالْمُوجِبُ لِلْعِلْمِ عَلَى الْمُوجِبِ لِلظَّنِ ، وَالنُّطْقُ عَلَى الْقِيَاسِ ، وَالْقِيَاسُ الْجَلِيُّ عَلَى الخَفِيِّ ، فَإِنْ وُجِدَ فِي النُّطْقِ مَا يُغَيِّرُ الأَصْلَ وَإِلاَّ فَيُسْتَصْحَبُ الْحَالُ .


[ صفة المفتي والمستفتي ]

وَمِنْ شَرْطِ الْمُفْتِي : أَنْ يَكُونَ عَالْمًا بِالْفِقْهِ أَصْلاً وَفَرْعًا ، خِلافًا وَمَذْهَبًا ، وَأَنْ يَكُونَ كَامِلَ الآلَةِ فِي الاجْتِهَادِ ، عَارِفًا بِمَا يُحْتَاجُ إِلَيْه فِي اسْتِنْبَاطِ الأَحْكَامِ مِنَ النَّحْوِ ، وَاللُّغَةِ ، وَمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ ، وَتَفْسِيرِ الآيَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الأَحْكَامِ ، وَالأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِيهَا .

وَمِنْ شُرُوطِ الْمُسْتَفْتِي : أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ التَّقْلِيدِ ، فَيُقَلِّدُ الْمُفْتِيَ فِي الْفُتْيَا ، وَلَيْسَ لَلْعَالِمِ أَنْ يُقَلِّدَ ، وَقِيلَ يُقَلِّدُ .

وَالتَّقْلِيدُ : قَبُولُ قَوْلِ الْقَائِلِ بِلا حُجَّةٍ . فَعَلَى هَذَا قَبُولُ قَوْلِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يُسَمَّى تَقْلِيدًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ التَّقْلِيدُ قَبُولُ قَوْلِ الْقَائِل وَأَنْتَ لا تَدْرِي مِنْ أَيْنَ قَالَهُ ، فَإِنْ قُلْنَا إِنَّ النَبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ كَانَ يَقُولُ بِالْقِيَاسِ ؛ فَيَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى قَبُولُ قَوْلِهِ تَقْلِيدًا .


[ أحكام المجتهدين ]

وَأَمَّا الاجْتِهَادُ : فَهُوَ بَذْلُ الوُسْعِ فِي بُلُوغِ الغَرَضِ .

فَالْمُجْتَهِدُ إِنْ كَانَ كَامِلَ الآلَةِ فِي الاجْتِهَادِ فَإِنِ اجْتَهَدَ فِي الْفُرُوعِ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَإِنْ اجْتَهَدَ وَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحَدٌ .

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : كُلُّ مُجْتَهِدٍ فِي الْفُرُوعِ مُصِيبٌ .

وَلا يَجُوزُ كُلُّ مُجْتَهِدٍ فِي الأُصُولِ الْكَلامِيَّةِ مُصِيبٌ ؛ لأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى تَصْوِيبِ أَهْلِ الضَّلالَةِ مِنَ النَّصَارَى وَالْمَجُوسِ وَالْكُفَّارِ وَالْمُلْحِدِينَ .

وَدَلِيلُ مَنْ قَالَ لَيْسَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ فِي الْفُرُوعِ مُصِيبًا قُولُهُ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( مَنِ اجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَمَنْ اجْتَهَدَ وَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحَدٌ ) [ متفق عليه ] . وَجْهُ الدَّلِيلِ : أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ خَطَّأَ الْمُجْتَهِدَ تَارَةً وَصَوَّبَهُ أُخْرَى . وَاللهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
(1) العناوين التي بين معقوفين هكذا [  ] ليست من أصل متن الورقات , وإنما وضعت للتوضيح .

 اضغط هنا لتحميل المتن الصوت

Tidak ada komentar:

Posting Komentar